لقبٌ ثانٍ لأزارنكا أم أوّل لسيرينا؟
بعد ستة أيّام من المنافسات الشيّقة، تصل بطولة الـ"بريميير 5" قطر توتال المفتوحة لكرة المضرب للسيدات إلى مشهدِها الأخير، حيث سيكون مساء اليوم الأحد الختام مسكاً، لا بل مثاليّاً بالمقاييس كافة، سيّما أنّه سيجمع وللمرّة الأولى في تاريخ البطولة، البالغة جوائزها 2.369 مليون دولار أميركي، المصنّفتين الأولى والثانية على العالم البلاروسيّة فكتوريا ازارنكا حاملة اللقب (1) والأميركيّة سيرينا وليامس (2) على الملعب الرئيسي لمجمّع خليفة الدولي للتنس والإسكواش.
منذ الإرسال الأوّل على إستاد خليفة عام 2001 لم يسبق أن شهدت البطولة حالة مماثلة تصنيفاً لما نحضره الآن، فأقرب النهائيات المماثلة نرصد عام 2006 حين خاضت الفرنسية اميلي موريسمو الأولى على البطولة النهائي مع الروسيّة ناديا بتروفا الثانية لكنّهما لم تكونا الأفضل على العالم، وفي مباراة التتويج لعام 2011 لعبت الدنمركية كارولين فوزنياكي الأولى والثانية على العالم وقتها مع الروسية فيرا زفوناريفا الثانية في البطولة والثالثة على العالم حينها، وما عدا ذلك تقلّ أوجه الشبه.
وما يزيد نهائي العام الحالي رونقاً ما رافق البطولة من سيناريوهات فنيّة ونتائج قلبت هرم الصدارة العالميّة، حيث بعد نهاية مباريات رُبع النهائي وتحديداً لقاء سيرينا-كفيتوفا، كانت الأولى ضمنت العودة للريادة العالميّة كأكبر متصدرة في مضرب السيدات وبدءاً من غدٍ الاثنين منهيةً تصدّراً دام 32 أسبوعاً متتالياً لأزارنكا و51 تراكميّاً، وعليه تسعى كلّ من اللاعبتين إثبات جدارتها "ضمناً" بأنّها الأفضل، خصوصاً أنّ سجلَّ كلٍّ منهما مثاليّ خلال هذا العام وتحديداً أزارنكا المزهوّة بتمازج النضج مع الموهبة وهي التي لم تخسر بعد (13-0) فيما جاءت خسارة سيرينا الوحيدة في بطولة أستراليا المفتوحة متأثّرة بالإصابة (12-1) علماً انها فازت بـ60 مباراة من آخر 63 خاضتها.
مسيرة 2013
خاضت كلّ من اللاعبتين لحينه بطولتين فقط خلال العام الجاري قبل شدّ الرحال إلى الدوحة، ففازت كلّ منهما بدورة، ما زاد حدّة منافستهما المستعرة أصلاً، علماً بأن مواجهتهما الوحيدة المفترضة في دورة بريزبين الأسترالية لم تتم بسبب إصابة البلاروسية.
شرعت فكتوريا (23 عاماً) الموسم الجديد وفي جدولها الرئيسي مهمّة الدفاع عن ستة ألقاب حازتها عام 2012 في بطولات سيدني الدولية وأستراليا المفتوحة وقطر المفتوحة وانديان ويلز وبكين ولينز، وبدا أنّها تتّجه لبداية سليمة حين وصلت إلى نصف نهائي دورة بريزبين، حيث انسحبت قبل مواجهة سيرينا لالتهاب في أصبع القدم اليمنى وعليه لم تعدّ خاسرة اللقاء، بل كسبت 200 نقطة.
أرغمت الإصابة فكتوريا على عدم الدفاع عن لقبها في سيدني ففضّلت الخلود للراحة للاستعداد لبطولة أستراليا المفتوحة، حيث كلّ الإغراءات أكبر، ونجحت في رهانها مدافعة عن لقبها بنجاح بتغلّبها في النهائي على الصينيّة لي نا بمجموعتين لواحدة، محافظة على نظافة السجلّ منذ احتفل العالم برأس السنة.
على الضفّة الأخرى دخلت الأميركيّة (31 عاماً) العام الجديد وفي جدول أعمالها الدفاع عن ألقاب ست بطولات أحرزتها عام 2012 دون احتساب اللقب الأولمبي وهي: تشارلستون ومدريد وويمبلدون وستانفورد (ثمّ الأولمبياد) والولايات المتّحدة المفتوحة وبطولة ختام الموسم في اسطنبول.
بدايتها جاءت ممتازة بتتويجها بطولة بريزبين على حساب الروسية أناستازيا بفليوتشنكوفا، ثمّ شاركت في بطولة أستراليا المفتوحة، حيث قدّمت أداءً مُذهلاً في الأدوار الأربعة الأولى التي عبرتها بانتصارات كاسحة مع إصابتها في الكاحل الأيمن في الدور الأوّل، إلا أنها سقطت في رُبع النهائي أمام مواطنتها سلاون ستيفنز 6-3 و5-7 و4-6 بعد معاناتها من تشنّجات في عضلات الظهر، ما أرغمها على طلب استراحة طبيّة للعلاج، لكن الخسارة لم تمنعها من الصعود للمركز الثاني إلى التصنيف العالمي مكان الروسية ماريا شارابوفا.
المواجهات السابقة
مع أنّ كلّ اللاعبات يرفضن البناء على مواجهات الماضي مهما اختلّ توازنها إلّا أن المعطيات التي شهدناها خلال بطولة قطر أثبتت عكس ما سمعناه من تصاريح إذ فرض منطق التاريخ نفسه خصوصاً في المباريات الكبيرة مثال: سيرينا-كفيتوفا وأزارنكا-رادفنسكا وسيرينا-شارابوفا وشارابوفا ستوسور وغيرها، وبناء عليه إن لم يشذّ النهائي عن باقي الأدوار يُنتظر أن تُعاين سيرينا الصقر الذهبي لأوّل مرّة وفي مشاركتها الأولى.
اثنا عشر هو عدد اللقاءات التي جمعت اللاعبتين منذ أن وقفتا وجهاً لوجه للمرّة الأولى عام 2008 في الدور 32 لبطولة أستراليا المفتوحة، حيث تفوّقت سيرينا على ابنة الـ18 عاماً حينها 6-3 و6-4، ثم كرّت سبحة المقابلات بينهما سنوياً وسْط هيمنة أميركيّة لا جدال فيها بلغت أحد عشر انتصاراً منها ثمانية متتالية.
آخر لقاء بين النجمتين دارت رحاه في الألعاب الأولمبيّة في لندن، حيث أقصت الأميركية منافستها من نصف النهائي دون رحمة 6-1 و6-2، قبل أن تكمل الأخيرة مشوارها إلى النهائي وتؤدّي بقسوة أكبر أمام شارابوفا كاسحة إيّاها 6-0 و6-1.
ثلاث فقط من المقابلات السابقة تمّت في النهائيات، أولاها جرى عام 2009 في ميامي الصلبة الأرضيّة، حيث حقّقت أزارنكا فوزها اليتيم لحينه، فيما جاءت المباراتان الأخريان عام 2012 في بطولتي مدريد الترابية (6-1 و6-3) والولايات المتّحدة المفتوحة (6-2 و2-6 و7-5).
مشوارهما القطري
خاضت المصنّفتان الأولى والثانية مشوارين ممتازين أثبتتا فيهما أنّهما الأفضل، فالبلاروسيّة دهست فنيّاً كلّ مَن قابلت بدءاً بالسويسرية أوبراندي في الدور الثاني (6-2 و6-3) والأميركيّة مكهايل في الدور الثالث (6-0 و6-0) والإيطالية سارا ايراني السادسة في رُبع النهائي (6-2 و6-2) والبولندية انييسكا رادفنسكا الرابعة في نصف النهائي (6-3 و6-3)، أي دون خسارة أي مجموعة.
من جهتها أنجزت سيرينا رحلة مماثلة القوّة مع درجة صعوبة أكبر في رُبع النهائي، حيث خسرت المجموعة الوحيدة إلى الآن، فاستهلّت حملتها بالفوز على الروسية غافريلوفا 6-2 و6-1، ثم البولندية أورسولا رادفنسكا (6-0 و6-3) والتشيكية بترا كفيتوفا (3-6 و6-3 و7-5) مع تأخّرها 1-4 في المجموعة الحاسمة، والروسية ماريا شارابوفا (6-3 و6-2).
أسلوب اللاعبتين
تمتاز الأميركيّة المشهورة بأسلوبها العدائي القويّ الظاهر في عينيها وملامح وجهها وثقتها المفرطة بالنفس بامتلاكها ما يوصف بأحد أفضل وأقوى الإرسالات في تاريخ المضرب النسوي وهي تعتمد عليه على نحو كبير إما لتحقيق نقطة مباشرة من إرسال ساحق أو لإجبار المنافسة على ارتكاب خطأ في الردّ أو حتى يمهّد لها للسيطرة على التبادلات "RALLIES" وفرض أسلوبها الهجومي فيها، ما يسمح لها بالتحكّم بمنافستها وإرغامها على الأخطاء المباشرة.
إلى جانب الإرسال تملك الاميركية ضربات أمامية وخلفية غاية في القوّة على حدّ سواء، وقد شهدناها أمس مع شارابوفا، حيث تراءى لنا لهُنيهة أنّ الأخيرة تضرب الكرة على الحائط!، كما تمتاز بالكرات الطائرة "VOLLEY" والكرات فوق الرأس "OVERHEAD".
أما من أبرز سلبيات سيرينا، او ما يزعجها أن تُرغم على الجري في الملعب عرضاً وطولاً، إذ تكسُر أخطاؤها وقد رأينا مثالاً على ذلك مع شارابوفا، إذ أن نجاحات الأخيرة المحدودة جاءت حين أجبرت منافستها على الجري كثيراً أثناء التبادلات ما أضعف ضربات سيرينا قوّةً ودقةً.
أما أزارنكا المعروفة بروحها القتاليّة العاليّة فتحب اللعب من خط القاعدة "BASELINE" بوتيرة عالية وقويّة من التبادلات، حيث ترتكب أخطاء قليلة مع اعتمادها على ضربات الدوران من "TOPSPIN" مع ضرب الكرة من أسفل لأعلا، ووضع ضغط دائم على المنافسة، إضافة لإجادتها تغطية جميع أرجاء الملعب بتميّز مُلفت، إذ لا تنزعج أو تملّ من الجري بخلاف سيرينا، وتساعدها في ذلك لياقتها البدنية ورشاقتها العاليتان وتركيزها الذهني، الأمر الذي جعل البعض يشبهها بالإسباني رافاييل نادال.
الضربات الخلفية تعدّ نقطة ثقل وقوّة لدى البلاروسية وتؤدّيها على نحو أفضل من الضربات الأمامية، أما إرسالها فلا يوازي قطعاً إرسال سيرينا وليس من ضمن أفضل ما تملك من نقاط قوّة، وقد تكثُر أخطاؤها على الإرسال الثاني خصوصاً إن كانت تحت الضغط، كما يعدّ النمط العالي الذي تعتمده بوجهين، إيجابياً وسلبياً، إذ قد تعتاد عليه المنافسة وتجيد مجابهته مع قلّة التنويع في الأساليب.
أرقام من الدوحة (منذ 2001)
-5 هي عدد المرّات التي فازت بلقب البطولة المصنّفة رقم 1؛ السويسرية مارتينا هينغيس عام 2001 والأميركية مونيكا سيليتش عام 2002 والبلجيكية جوستين هينان عام 2007 والدنمركية فوزنياكي عام 2011 وأزارنكا عام 2012.
-1 هو عدد المرات التي خسرت فيها المصنّفة الأولى المباراة النهائية، كان ذلك عام 2006، حين خسرت الفرنسية اميلي موريسمو مع الروسية ناديا بتروفا.
-1 مرة واحدة نجحت فيها لاعبة متوّجة في الاحتفاظ باللقب لسنتين متتاليتين هي الروسية المعتزلة أناستازيا ميسكينا عامي 2003 و2004.
-3 هو عدد المرّات التي آلت فيها المباريات النهائية لثلاث مجموعات، الأولى عام 2004 بين ميكسينا ومواطنتها كوزنتسوفا 4-6 و6-4 و6-4 والثانية عام 2005 بين ميسكينا أيضا والأسترالية اليسيا موليك 4-6 و6-1 و6-4 والثالثة عام 2008 بين شارابوفا ومواطنتها زفوناريفا (6-1 و2-6 و6-0.
-6 هو عدد ألقاب روسيا التي تعدّ أكثر الدول تتويجاً باللقب منذ بدء البطولة في الدوحة العام 2001، فيما تتوزّع بقية الألقاب فردياً بين أميركا وسويسرا وبلجيكا وبلاروسيا.